Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

Daily Archives: May 21, 2011

بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)49

0

وهي في الطريق قبيل انتهاء ساعة المشي  اليومية في الجزيرة، أحست سراب بإرهاق شديد، وألم في أسفل بطنها، طلبت من عادل أن يعودا إلى البيت لعدم استطاعتها متابعة السير فأقفل عائدا إلى الدار.

استلقت في فراشها بعد تناول كأس من مغلي الكمون أحضرته لها درة التي اطمأنت عليها، وتأكدت بأنها بخير، وأن الإرهاق ليس نذيرا بقرب موعد الولادة، فمازال أمامها أيام لحين ذلك الموعد.

استسلم عادل لنوم عميق وغفت سراب بينما كانت  حماتها على وشك الاستغراق بالنوم عندما سمعت الباب يقرع بشدة.

نهضت مفزوعة.. اتجهت إليه مسرعة يفترس قلبها ألف هاجس.. فتحته.. فوجئت بالقادمة الصغيرة في هذه الساعة المتأخرة من الليل..

–         مروة ما بك يا ابنتي.. ادخلي؟

تجيبها باكية

–         أبي يا خالة يحتاج طبيبا.

وعندما خرج الطبيب من غرفة أبي سراب قال لعادل:

–         اطمئن، عمك بخير، لم يفقد الذاكرة،.

– مالذي جعله ينسىى ويرتعش؟

ما حصل له اليوم من نسيان بعض الأمور وارتعاش يديه كان بسبب ارتفاع ضغط الدم المفاجئ.. سيتحسن عندما نخفِّض نسبة ارتفاعه.

–         تقول امرأة عمي إن نومه بات قليلا وأحيانا يبدو مكتئبا حزينا، وكما قالت بدأت تظهر عليه عادات جديدة، كالنوم المتقطع لفترات قصيرة في النهار.

–         هذا بسبب التقدم بالسن، ويصيب الكثيرين من الشيوخ.

–         ما علاجه ياحكيم؟

–         سأصف له الدواء المناسب، وعليكم مساعدته بممارسة بعض التمارين الرياضية المناسبة لسنه، وانتظامه بأوقات ثابتة للنوم والاستيقاظ خاصة، وأن يجلس في الضوء، و ومهم جدا أن يتعرض للشمس خاصة بعد العصر، والتقليل من المنبهات بشكل عام وفي المساء بشكل خاص، وعدم استخدام الحبوب المنومة التي قد توقف تنفسه وهو نائم.

عندما فتحت له الباب رأته مهموما سألته:

–         ما به عمك يابني؟

أخبرها بكل شيء..

–         مسكين أرجو أن يجتاز محنته بإيمان وثبات، وسيشفى بإذن الله  إن هو التزم بتعليمات طبيبه.

–         أين سراب؟

–         لم تزل نائمة، لم أوقظها… غدا نخبرها بالأمر.

–         خيرا فعلتِ، بارك الله فيك يا أمي.

–         اسمع قبل أن أنسى.. زيت السمسم مفيد لارتفاع ضغط الدم إن هم استخدموه في طعامه لشهرين، ويقلل نسبة الكولسترول في الدم.

–         أم عادل.. هل أصبحت طبيبة شعبية؟

–         هذه خبرة أجيال يا بني.. هكذا كان آباؤنا وأجدادنا يفعلون وكانوا يعمرون كثيرا.

قبل مغادرة سراب المنزل إلى بيت أهلها ناولتها درة قنينة فيها زيت السمسم، وأوصتها بأن يطبخ طعام والدها به، وألا يدخل السمن والدهون في طعامه متمنية له الشفاء العاجل.

لم تستسغ والدة سراب وصفة درة الشعبية، فوضعت قنينة الزيت في إحدى خزائن المطبخ بينما رحب والدها باقتراح أم عادل، ولكن الكلمة النهائية في هذا الشأن تظل لزوجته خاصة فيما يتعلق بصحته مالم يصف الطبيب الدواء ويُشترى من الصيدلية.

جلست سراب مهمومة.. مغمومة، حزينة لما أصاب والدها، وراحت تستعرض شريط حياتها معه منذ الطفولة فالشباب حتى  وقتها الراهن.

كان أبا مثاليا أحب بناته حبا كبيرا وبادلوه حبا بحب أكبر، لم تستطع تصور أن يصيبه مكروه.. بكت.. اقترب منها عادل.. طمأنها وهو يمسح دموعها بأصابع يده، وحذرها من شدة الانفعال حزنا كي لا يؤثر ذلك عليها وعلى الجنين فهي مقبلة على الولادة التي قد تحدث في أي وقت..

حاولت سراب الترويح عن نفسها خوفا على جنينها الذي سيرى النور قريبا، لكنها فشلت فهي تحب والدها، وترفض تقبل أمر مرضه رغم أنه طمأنها وقال لها:

–         أنا بخير ياابنتي، اهتمي بنفسك، أريد رؤية حفيدي بصحة جيدة، فلا تزعجيه وإلا اشتكاك لجده.

بقلم

زاهية بنت البحر

بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)48

0

–    أي دفء وأي حنان تتكلمين عنه ياامرأة؟!! رزق حشرة يخطر ببالي أحيانا دهسه بحذائي المهترئ لأرتاح منه ومن مصائبه. أمامك خياران لا ثالث لهما، أنا أو رزق؟

تعترف رضوى لأم عادل نادمة بأنها ظلمت رزق كثيرا.. أهانته.. ضربته.. جوَّعته.. قيدته.. حرمته دخول المدرسة..

 هي الآن تريد التكفير عما فعلته.. سعفان تخلى عنها بسببه وهي لن تتخلى عن رزق.. ستعيد له حصَّة والدته من البيت.. ستدخله المدرسة.. ستهتم به.. لن تكون جاحدة بعد اليوم.. فليرحل سعفان.. لم يعد ذا أهمية بالنسبة لها بعد أن تأكدت بأنها عقيم لن تنجب أطفالا، وأنه لا أمل في إصلاح سعفان الذي سيتركها ذات يوم بعد نفاد نقودها، وسيعود إلى بيته وأولاده.. سيكون رزق منذ اليوم ابنها المدلل.. ستحبه كما لو كان جنينا تربى في رحمها.. سمعت دقات قلبه.. أحست بتحركاته رأسا، يدأ، وقدما.. ليست الحياة امرأة ورجل فقط.. الحياة أصبحت بالنسبة لها مبدأ وهدفا.. قيمة ورحمة.. همة وكفاحا.. عملا وأملا.. حقائق وبدائلَ..

رزق ليس حشرة يدهس بحذاء.. رزق مخلوق من صنع الخالق على الجميع احترام إنسانيته.. لم يخلقه الله ليهان ولا ليبخس حقه في الحياة..

يتيم لطيم هو، هذا صحيح، ظلمته هي، هذا صحيح، سرقت ماله، سوَّدت حياته، هذه حقائق بدأت تراها مجسمة أمامها.. مخيفة بعد قشر الظلم عن نفسها، ومعرفة الحق، فقررت إعادته لأصحابه رغم قسوة سعفان الظالم عديم الرحمة والمروءة، ليته يفكر ولو لمرة إن كان يقبل أن يجري على أولاده ما يجريه على رزق من تعسف وعداء يغضب الله، وأهل المروءة والشهامة.

 في الصباح كان بعض الرجال  الذي أحضرهم كريم بن شيماء الرابح يبنون في بيت رضوى غرفة صغيرة لرزق، بينما ذهبت هي برفقته  للقاء أم عادل وإخبارها بما قررت القيام به بشأن سعفان وابن زوجها.

قالت لها أم عادل: سيعوضك الله خيرا من سعفان مادمت صادقة النية.

لأول مرة في حياتها تشعر رضوى بسعادة حقيقية تُلقى في صدرها.. تنبت بذرتها.. تكبر.. تعرِّش في كيانها.. تملأ روحها نورا..

 أقرت بأنها لم تكن تحس بإنسانيتها فيما مضى من عمرها.. ليس رزق هو السبب في ذلك.. بل إحساس خفي في صدرها جعلها تتغير لم تستطع تحديده بعدُ.. فرأت ما لم تكن تراه سابقا..

قالت لرزق: لا تنادني بخالتي، قل لي أمي.. سأجد فيك ابني، وستجد فيَّ أمك.

رزق مازال صغيرا على فهم ما يدور حوله، لكنه منذ أن أعادته أم عادل إلى بيت والده بدأ يحس بأن هناك شيئا ما قد تغير في حياته، وظل عاجزا عن إدراك فحواه إلى أن قالت له رضوى ” نادني بأمي” .

أحس الآن بأن يد أمه امتدت من قبرها دافئة، حانية بيد رضوى تنتشله من يتم ولطمٍ ما ماأنشب أنيابه بطفل إلا أشقاه وأضناه ما لم يجد القلب العطوف الذي يجمع شمله، ويجبر كسره، ويرحم طفولته بكلمة طيبة، ولقمة هنيئة مريئة، ببلسمِ جراحٍ، ومأوى يليق به إنسانا. 

بقلم

زاهية بنت البحر

%d bloggers like this: