مررت بها أنا وصاحبي بعد أن مرت عليها عجلات الدهر فثار في نفسي وفي نفسه كوامن
فكانت هذه القصيدة
البغي العجوز
أسر إليّ في همسِ
كأن لم تغن بالأمسِ
لقد صارت كأطلالٍ
تعاني وطأة الدرسِ
وصار الجلد ليموناً
يحاكي صفرة الشمسِ
تجاعيدٌ بلا عدد
وثغرٌ باح باليأسِ
ثمار الصدر ذابلةٌ
بطول الكشف والهرسِ
تدلت حينما عانت
غياب الماءِ واللمسِ
ولون السحب قد غطى
سواد الليل بالرأسِ
كلوز القطن قد نادى
فعال الجنيِِ والفأسِ
ورعشة كفها طيرٌ
يزود الذبح بالرفسِ
كعرجونين جنباها
وظهرٌ قُد من قوسِ
ترى ماسر ما آلت
إليه نفائس النفسِ
لقد كانت حديث الناس
حتى نشرة الطقسِ
وكانت قبلة الشهوان
في قطفٍ وفي غرسِ
يشد رحالهم بعضٌ
وبعضٌ من ذوي (الفكس)
فإن سارت ترى صحباً
لها كمواكب العرسِ
يناجي حسنها كلٌ
ويدعو ربةَ الجنسِ
فقلت إليك عن هذا
فتلك نهاية النُكسِ
وتلك نهاية التفريط
في الأعراض والنفسِ
فمن عزٍ إلى ذلٍ
ومن طهرٍ إلى رجسِ
ومن سترٍ إلى فضحٍ
ومن رفع إلى بخسِ
ومن ذكرٍ على الدنيا
إلى النبذ الذي ُينسي
ومن يسرٍ إلى عسرٍ
كأن لم تغن بالأمسِ
ِ
تلاشى صفوُ سهرتِنا=وباتَ القومُ بالخُرْسِ
سمعتُ بقولِها نعيا=لأزواجٍ بلا عرسِ
وعشاقٍ وأحبابٍ=غدوا في ظلمةِ الرَّمسِ
وظلَّتْ رغم شيبتِها=تغرِّدُ دونَ منتكسِ
كأنَّ شبابَها باقٍ=بلا عجزٍ ولا وكْسِ
على أطلالِ ماضيها=رأيتُ الوضعَ بالعكسِ
فلا سعدٌ يرافقُها=ولاطهرٌ بذا الرَّكسِ
ولادفءٌ يحيطُ بها=فيحيي القلبَ من يُبْسِ
يُصبِّحُ وجهها دمعٌ =بهطلٍ حارقِ اللمسِّ
تداريهِ بأشواقٍ=وذكرى الحبِّ والأُنسِ
تهدهدُهُ بأحضانٍ=سقتهُ الشَّهدَ بالخلسِ
وتسعدُه بأوهامٍ=بلا همٍّ ولاتعسِ
يشيحُ بوجهه عنها=يقولُ بصمتِهِ: إنسي
زمانُكِ يا ملوِّعَتي=سقاني حنظلَ الكأسِ
وجرَّحني وشوَّهني–=بمشرطِ وطأةِ اليأسِ
شعر
زاهية بنت البحر
__________________