Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

Daily Archives: May 15, 2011

“الموضوع منقول”.. حق باطنه الظلم (أ. عبير النحاس)

1

 

“الموضوع منقول”.. حق باطنه الظلم

بقلم: عبير النحاس

أضيفت: 2011/03/23

لا أريد أن أكتب اليوم عن أنواع السرقات الأدبية كافة, ولست أهدف في مقالي هذا إلى الحديث عن تلك الفنون الجديدة المستحدثة في سرقة الحرف, التي لا تخلو من سذاجة.. أو مكر.. أو قلة معرفة بأصول النقل.. أو باستهتار واضح بما هو حق لغير السارق؛ ولست بصدد الحديث عن تلك القضايا التي نالت أعمدة من أعمدة الفكر؛ وبتلك المواقع التي جندت نفسها لفضح ما يجري في غرف الكتَّاب المظلمة، وتلك الأقسام التي استحدثت في الكثير من المنتديات الأدبية لهذا الغرض تحديداً؛ إنما يعنيني هنا ما انتشر في الشبكة العنكبوتية من نقل للمواضيع عبر المواقع والمنتديات، ثم تذييله بكلمة: “منقول”.

تلك البراءة وذلك الثوب النظيف الذي يغلف هذه الكلمة, ويشير إلى نزاهة كاتبها من أن ينسب لنفسه حروفا لا يملكها؛ ويجعل القراء يثنون على أمانته ويمتدحون فيه تلك الخصلة التي باتت نادرة في هذا الزمان الذي ضُيعت فيه الأمانة, ويتناسون أن هناك مالكا لهذه الحروف ينظر بحسرة نحوها وهي تسير من دونه, وتنسلخ عنه دون وجه حق.

حاولت كثيرا أن أفهم طبيعة تفكير من ينسخ المواضيع؛ ولا ينسى قبل أن يلصقها استبدال اسم الكاتب بكلمة منقول, وجربت أن أجد له مخرجاً من التهمة, ولم أجد في وصف تلك الفعلة إلا اللؤم واللؤم وحده, وربما نضيف إليها شيئا من حسد ورغبة في نيل الثناء المخادع, ولكي لا أظلم الجميع فربما أراد الناقل أن يعلِّم الكاتب الحقيقي كيف يكتب لغير نفسه وشهرته؛ ولو كان هذا قسرا ودون رضاه.

والقضية أن نسخ المواضيع بات يصنف في قائمة الأعمال الدعوية؛ فنجد أن المقال أو القصيدة أو القصة التي انسلخ عنها اسم كاتبها قد انتشرت في الشبكة العنكبوتية وامتدحها البعض وأثنوا على من نقلها ونُسي صاحبها ومن وُلدت حروفها من قلمه, وقد فعلت هذا بنفسي مع بعض الصور التي أغرمت بها؛ والمواضيع التي أعجبتني؛ وذُيلت باسم منقول قبل أن أتعرف عليها, ولم أكن لأتنبه لضرر استبدال اسم صاحب الحرف بكلمة منقول يومها, ثم عزفت عن الأمر عندما تنبهت له, وكان هذا عندما تم نقل العديد من مقالاتي وقصصي دون اسمي, ومن ثم انتشرت في الشبكة, وتمت نسبتها لبعض الأسماء دون وجه حق, وكنت أرقبها بحزن عميق وأسلي نفسي بتلك الحسنات التي سأحصل عليها ممن بدأ بالنقل ومحا حروف اسمي من نهاية النص.

لم يكن من طبعي السكوت, ومع هذا أمسكت قلمي عن مراسلة أصحاب المواقع والمنتديات على الشبكة العنكبوتية طويلا, ثم قررت في يوم من الأيام أن أستعيد حرفي وأُعيد له نسبه الصحيح, وراسلت بعض من وجدته لديهم, وصرخت: “أن هذا وليدي”, فكان أن تجاهلني البعض, وطالبني البعض بالتسجيل في منتداه والنشر فيه ليكون من حقي أن أستعيد ما هو ملكي؛ فكيف لهم أن ينشروا لغير الأعضاء الفاعلين حسب قولهم, ومنقول هذا هو عضو شديد الفاعلية في كل المنتديات الملتزمة كما يعرف الجميع.

أحدهم شكرني بحرارة على التنبيه واعترف بأنه لم يكن لينتبه للأمر, وقد ظنَّ مثلي أن كلمة – منقول – قد تكفي, والأجمل من هذا وذاك أن البعض اتهمني بأنني من طلاب الدنيا؛ وأنني لو كنت أردت وجه الله بحرفي لما اهتممت؛ ولكنت فرحت بما نقلوه, وأخبرني بأنني لو أردت أن أنشر في الشبكة فعلي أن أتقبل فكرة غياب حروفي ونسبتها لغيري؛ وأنني إن أردت الاحتفاظ بملكيتها فعلي أن أنشر في أدراج مكتبي؛ ولا أعرضها على أحد, وقص علي كاتب حكايته بأنه طالب باستعادة قصيدة له في منتدى من منتديات الشبكة؛ وأنه تعرض للطرد وتواطأ المشرف مع السارق حينها وسلبوه حقه في حروفه التي سرقت ونسبت لغيره ولم تنسب للأستاذ “منقول” فحسب.

ما زالت تراودني فكرة حملة بل حملات ضد نسخ النصوص ونقلها دون إرفاق اسم الكاتب معها, وما زلت أنظر بحسرة إلى كل السرقات التي تتم تحت ضوء الشمس للنصوص والتصاميم والرسوم والدروس والابتكارات, وما زلت أرى أن استبدال اسم الكاتب بكلمة منقول هي جريمة لم يعاقب عليها قانون بشري, ولكن ظلما قد وقع على كاتب الحروف لا بد من مطالبته يوما بجزاء ممن فعل الأمر بداية.

واليوم وبعد أن عزفت على نقل موضوع كتب عليه: مما راق لي.. ومنقول.. ومما أعجبني, وبعد أن أعلنت عن رفضي لهذا الظلم الذي يجري ونحسب أننا به ننفع العباد, فإني أستودع الله حروفي هذه وكل ما كتبت, وأخبركم أنني سأقتص من ناقلها – دون نسب – يوم الدين, وسأقدم له شاكرة مسرورة الكثير من سيئاتي.

بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)41

0

 

في الشهر الثامن من الحمل بدأت سراب تخرج من البيت مع زوجها وأحيانا برفقة حماتها للمشي ساعة من الزمن حسب تعليمات القابلة القانونية، لأن الحامل كما أخبرتها تستنشق الأوكسجين ويأخذ الجنين كميه كبيرة منه، والمشي يسهل الولادة على ألا ترهق نفسها  أثناء السير، فكانت تخرج من المنزل متأبطة ذراع عادل كل يوم بعد صلاة العشاء، ويدوران حول الجزيرة دورة كاملة ثم يعودان إلى البيت، وكانت أم عادل ترافقها أثناء انشغال ابنها بعمل ما، أو حين تأخره عن الحضور باكرا.

في إحدى هذه الطلعات اليومية مرَّتا من أحد الأزقة الضيقة في طريق العودة، وهناك التقتا بــ “شيماء الرابح” وهي تهم بدخول منزلها، فأقسمت عليهما أن تسهرا عندها لساعة من الزمن.. حاولتا الاعتذار عن الدعوة فلم تنجحا، فدخلتا المنزل الذي يشبه حديقة صغيرة من كثرة الزهور والورود التي تملأ الدار، وتزينها بأجمل الألوان الخلابة وشذاها الفواح يملأ الأجواء عبيرا.. أكثر مالفت نظر سراب القفصُ الكبير الذي كان في الجهة الشمالية من الغرفة، وسجينُه الببغاء الرمادي اللون الذي ظل يصفر ويتكلم بجمل مفهومة وبعضها غير مفهوم بصوت يقلد فيه صوت الإنسان، فكانت في بعض الأحيان تظنه رجلا عندما تندمج في حديث ما مع السيدتين، فتظن أن أحدا دخل عليهن البيت، ما تلبث بعدها أن تنفجر ضاحكة.

أخبرتهما السيدة شيماء أن ابنها سارية قد أحضره لها هدية من أفريقيا عندما كانت سفينتهم هناك، وقد وجدت فيه مؤنسا يسليها في أوقات وحدتها بعد أن تزوج أولادها، وباتت وحيدة تمضي وقتها بالعناية بالزهور والببغاء الجميل، وهي اليوم تسمع من خلاله  أصوات أولادها وأحفادها إن هم غابوا عنها فهو مقلد ماهر.

لبعض وقت انشغلت سراب بهذا الطائر العجيب الغريب المخيف أيضا، كاد أن ينقر سبابتها لولم تبعد يدها عن القفص، أعجبت به جدا فهي لم تره من قبل عيانا، وكانت قد قرأت عنه ذات يوم بأنه طائر يستطيع تقليد صوت الإنسان لأن لسانه سميك ويقلد أي شيء يسمعه فيخرج الكلمات والنغمات حتى صوت انسكاب الماء من الصنبور، وصوت رنين الجرس، وقرأت أيضا أنه عندما يعيش في الغابة يقلد صرخات الحيوانات الأخرى أما صوت صراخاته الخاصة به فحاد جدا ومزعج.

أعجبت سراب بهذا الكائن البديع، وظلت عيناها معلقتين به طوال السهرة، وهي تلاعبه فيقفز في القفص بردود فعل ملفتة، وأكثر ما أعجبه به طريقة أكله بزور دوار الشمس بعد أن يقشرها بلسانه ولها صوت يشبه صوت البزور أثناء تقشيرها بين أسنان الإنسان.

 لاحظت شيماء الرابح انبهارها به الذي شغلها عن معظم الأحاديث التي دارت بينها وبين أم عادل، فرأتها كطفلة صغيرة تعلقت بلعبة جميلة ذكرتها حركاتها البريئة بابنتها سارة المغتربة في أمريكا، فشعرت بنبضات حب تجاهها جعلتها تخرج إلى حديقة البيت، وتجمع  طاقة من ورود قدمتها لها وهما تغادران منزلها.

حدثت سراب عادل عن الببغاء وعن انشغالها به، وتمنت لو يقتني لها مثله فقد سلب لبها، فوعدها خيرا إن هو سافر ذات يوم إلى أفريقيا لأن ثمن الببغاء في بلادنا غالٍ جدا.

في الصباح قرع باب أم عادل.. أسرعت لمعرفة الطارق.. فوجئت عندما رأت حفيد شيماء الرابح يحمل قفصا حديديا كبيرا في داخله الببغاء الذي فتن سراب.. ناولها القفص وأخبرها بأن جدته تبلغهما السلام وسوف تأتي لزيارتهما بعد ساعة.

كادت سراب تطير من الفرح عندما رأت الببغاء وسمعت صوته يصرخ بكلمات كثيرة. تركت عملها في المطبخ، وجلست قبالته تلاعبه وحماتها تنظر إليها بسعادة رغم الحيرة التي سيطرت عليها، واستغرابها من أمر إرسال شيماء الرابح الببغاء إليهم.

 

بقلم

زاهية بنت البحر

حنانُ أم( من العمر لحظة)

3

تسبقني عيونُ قلبي- التي رأتك قبل عيوني- بالبكاء، أحس بدمعها نارا في صدري، أهرب، أغرق نفسي في بحري، تتقاذفني أمواج الحنين إليك، أعود بصحبة دمعي، أضع يدي فوق رأسك.. أعيذك بالله من كل مايحزنك، خذ حياتي ولاتحزن، أنَّاتُ صدرك تشعل قلبي، تهدُّ كياني، أنظر إلى السماء.. أرفع يديَّ بالدعاء: اللهمَّ فرِّج همَّه، فأسمع صوتك الحبيب وعيناك تنظران في عيني ونداء أحبه: ماما.. اطمئن يابني، فإنَّ اللهَ سميعٌ مجيب.

 

بقلم
زاهية بنت البحر

 

 

 

 

بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)40

0

 

جثَّة الغريب حرَّكت الآلام المُسَكَّنة بمشاغل الزَّمن.. هيَّجت الشجون الدَّفينة في الصدور، فتمرَّدت على سجَّانيها وتفجَّرت براكين دمع غسلت بها النسوة قبور الأحبَّة أباً.. أخاً.. زوجاً وولداً، وأمَّا الذين لم يؤتَ بجثثهم إلى الجزيرة فقد زار ذووهم قبور الغرباء ووضعوا فوقها الرياحين وقرأوا لأرواحهم القرآن.

استطاعت هذه الجثَّة المنتفخة أن تفجِّر طاقات  إبداعية في رواية القصص المحزنة عن أبطال من أهل الجزيرة غادروها وهم يبتسمون، في جيوب قلوبهم آمال وأحلام كثيرة تترنم ابتهاجا بغدٍ مشرق، وعادوا إليها في توابيت مغلقة لم يسمح لأهلهم برؤيتهم فيها ولو للحظات، أو من لم يعودوا كالغرباء الذين يرقدون في جزيرتهم بسلام، بينما قلوب أحبتهم في حزن وعذاب مرير، بعضهم ترك زوجته في شهرها الأول من الحمل ولم يعد ليرى فلذة كبده، ولا تمتع طفله بنداء بابا.

ومنهم من ذهب للعلم فقتل قبل أن يعود حاملا معه شهادات عالية لخدمة وطنه، صُفِّيَ لرفضه العمل في دول الأعداء.

وكان لأحمد صديق عادل نصيب من أحاديث الناس لقرب عهد رحيله، فبكته أمه وخطيبته  بِحَرِّ الدموع.

قالت سراب بعد سماعها بعض هذه القصص: عندما يصبح لي طفل، ويكبر لن أرسله للدراسة هناك، أريد لابني الحياة والسعادة في وطنه أيا كانت دراسته أو عمله.

في أثناء عاصفة الذكريات التي هبَّت على الجزيرة بوصول الغريق إليها، طلب عادل من أمه وزوجته زيارة أم صديقه أحمد وخطيبته فقد سمع بأن جراحهما قد نكأت عند سماعهما نبأ الغريق وما قيل فيه.

حاولت أم عادل تسكين حزنهما بذكر قصص كثيرة عن الصبر الذي به دواء القلوب، والثواب من الله الذي يوفي الصابرين أجورهم بغير حساب.

 نضخت العيون الدموع بصمت، وأنات خرجت من صدور أشعلَ الحزن حشاشتها، فالتهبت بها المشاعر طالبة من الله الرحمة للراحل والصبر والسلوان لأهله من بعده.

–        ليس الموت حدثًا عابرًا ويمضي يا ابنتي، بل هو دائم الوقوع بين الناس، سيرحل الإنسان عن هذه الدنيا، ولكن لا يدري متى ولا أين ولا كيف، ولا عبرة في التقدم بالسن أو الشباب، فهو لا يفرق بين صغير وكبير.

وتمر الأيام يطويها الزمن في سجله يوماً بعد يوم ويلقي بها في ملَّفات العمر المهملة، يثور خلالها البحر ويهدأ.. يثور ويهدأ، ويعلو بطن سراب ثم يبدأ بالهبوط، تحدد القابلة القانونية التي تقيم في الجزيرة موعد الولادة التي ستتم في البيت لعدم وجود مستشفى لأجل هذا الغرض.

لاشيء يستوجب القلق هكذا قالت القابلة.

أم عادل وابنها وكنتها هم  الآن على شوق لإشراق الوعد.. ينسجونه من ضياء الحلم.. يخبِّئونه في العيون ويطبقون عليه الجفون.. يرعونه بالأماني، ويسقونه بالدموع عندما يحس عطشًا، ويظلون يرتقبون  ولادته في فجر يوم يحمل إليهم تباشير الهناء. يااااه ما أروعه من صباح ذاك الذي يشتاقونه بكل عواطفهم..بكل أمانيهم.. بكل أفراح الصغار..  بعبير الزهور.. بضياء الشمس، وفوق أهداب القمر.. 

بقلم

زاهية بنت البحر

%d bloggers like this: