
“الموضوع منقول”.. حق باطنه الظلم
بقلم: عبير النحاس
أضيفت: 2011/03/23
لا أريد أن أكتب اليوم عن أنواع السرقات الأدبية كافة, ولست أهدف في مقالي هذا إلى الحديث عن تلك الفنون الجديدة المستحدثة في سرقة الحرف, التي لا تخلو من سذاجة.. أو مكر.. أو قلة معرفة بأصول النقل.. أو باستهتار واضح بما هو حق لغير السارق؛ ولست بصدد الحديث عن تلك القضايا التي نالت أعمدة من أعمدة الفكر؛ وبتلك المواقع التي جندت نفسها لفضح ما يجري في غرف الكتَّاب المظلمة، وتلك الأقسام التي استحدثت في الكثير من المنتديات الأدبية لهذا الغرض تحديداً؛ إنما يعنيني هنا ما انتشر في الشبكة العنكبوتية من نقل للمواضيع عبر المواقع والمنتديات، ثم تذييله بكلمة: “منقول”.
تلك البراءة وذلك الثوب النظيف الذي يغلف هذه الكلمة, ويشير إلى نزاهة كاتبها من أن ينسب لنفسه حروفا لا يملكها؛ ويجعل القراء يثنون على أمانته ويمتدحون فيه تلك الخصلة التي باتت نادرة في هذا الزمان الذي ضُيعت فيه الأمانة, ويتناسون أن هناك مالكا لهذه الحروف ينظر بحسرة نحوها وهي تسير من دونه, وتنسلخ عنه دون وجه حق.
حاولت كثيرا أن أفهم طبيعة تفكير من ينسخ المواضيع؛ ولا ينسى قبل أن يلصقها استبدال اسم الكاتب بكلمة منقول, وجربت أن أجد له مخرجاً من التهمة, ولم أجد في وصف تلك الفعلة إلا اللؤم واللؤم وحده, وربما نضيف إليها شيئا من حسد ورغبة في نيل الثناء المخادع, ولكي لا أظلم الجميع فربما أراد الناقل أن يعلِّم الكاتب الحقيقي كيف يكتب لغير نفسه وشهرته؛ ولو كان هذا قسرا ودون رضاه.
والقضية أن نسخ المواضيع بات يصنف في قائمة الأعمال الدعوية؛ فنجد أن المقال أو القصيدة أو القصة التي انسلخ عنها اسم كاتبها قد انتشرت في الشبكة العنكبوتية وامتدحها البعض وأثنوا على من نقلها ونُسي صاحبها ومن وُلدت حروفها من قلمه, وقد فعلت هذا بنفسي مع بعض الصور التي أغرمت بها؛ والمواضيع التي أعجبتني؛ وذُيلت باسم منقول قبل أن أتعرف عليها, ولم أكن لأتنبه لضرر استبدال اسم صاحب الحرف بكلمة منقول يومها, ثم عزفت عن الأمر عندما تنبهت له, وكان هذا عندما تم نقل العديد من مقالاتي وقصصي دون اسمي, ومن ثم انتشرت في الشبكة, وتمت نسبتها لبعض الأسماء دون وجه حق, وكنت أرقبها بحزن عميق وأسلي نفسي بتلك الحسنات التي سأحصل عليها ممن بدأ بالنقل ومحا حروف اسمي من نهاية النص.
لم يكن من طبعي السكوت, ومع هذا أمسكت قلمي عن مراسلة أصحاب المواقع والمنتديات على الشبكة العنكبوتية طويلا, ثم قررت في يوم من الأيام أن أستعيد حرفي وأُعيد له نسبه الصحيح, وراسلت بعض من وجدته لديهم, وصرخت: “أن هذا وليدي”, فكان أن تجاهلني البعض, وطالبني البعض بالتسجيل في منتداه والنشر فيه ليكون من حقي أن أستعيد ما هو ملكي؛ فكيف لهم أن ينشروا لغير الأعضاء الفاعلين حسب قولهم, ومنقول هذا هو عضو شديد الفاعلية في كل المنتديات الملتزمة كما يعرف الجميع.
أحدهم شكرني بحرارة على التنبيه واعترف بأنه لم يكن لينتبه للأمر, وقد ظنَّ مثلي أن كلمة – منقول – قد تكفي, والأجمل من هذا وذاك أن البعض اتهمني بأنني من طلاب الدنيا؛ وأنني لو كنت أردت وجه الله بحرفي لما اهتممت؛ ولكنت فرحت بما نقلوه, وأخبرني بأنني لو أردت أن أنشر في الشبكة فعلي أن أتقبل فكرة غياب حروفي ونسبتها لغيري؛ وأنني إن أردت الاحتفاظ بملكيتها فعلي أن أنشر في أدراج مكتبي؛ ولا أعرضها على أحد, وقص علي كاتب حكايته بأنه طالب باستعادة قصيدة له في منتدى من منتديات الشبكة؛ وأنه تعرض للطرد وتواطأ المشرف مع السارق حينها وسلبوه حقه في حروفه التي سرقت ونسبت لغيره ولم تنسب للأستاذ “منقول” فحسب.
ما زالت تراودني فكرة حملة بل حملات ضد نسخ النصوص ونقلها دون إرفاق اسم الكاتب معها, وما زلت أنظر بحسرة إلى كل السرقات التي تتم تحت ضوء الشمس للنصوص والتصاميم والرسوم والدروس والابتكارات, وما زلت أرى أن استبدال اسم الكاتب بكلمة منقول هي جريمة لم يعاقب عليها قانون بشري, ولكن ظلما قد وقع على كاتب الحروف لا بد من مطالبته يوما بجزاء ممن فعل الأمر بداية.
واليوم وبعد أن عزفت على نقل موضوع كتب عليه: مما راق لي.. ومنقول.. ومما أعجبني, وبعد أن أعلنت عن رفضي لهذا الظلم الذي يجري ونحسب أننا به ننفع العباد, فإني أستودع الله حروفي هذه وكل ما كتبت, وأخبركم أنني سأقتص من ناقلها – دون نسب – يوم الدين, وسأقدم له شاكرة مسرورة الكثير من سيئاتي.