Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

أبحثُ عنكَ(2)

2

\\

\\

\\

 

عندما هتفَ له الرحيلُ سمعتُ النداءَ، خفقَ قلبي الصغيرُ بحزنٍ يداعبُهُ فرحُ الشباب ِ، هيَّأتُ له جوازَ السفر، وأنا أمسكُ بيدِهِ، رتبتُ له حقيبة ملابسه، وأغرقتها بعطرِنا الشرقي، نثرت فيها قطوف الياسمين الدمشقي وأوصيته ألايذبل قبل مصافحته، أودعتُ فيها آمالي، ودموعَ أمي، وأحلامَ أبي. وعندما أسلمَ جناحيهِ للريحِ الغريبةِ طارتْ بهِ إلى حيثُ مغربُ الشمسِ. هناكَ في البعيدِ البعيدِ، حطَّتْ طائرتُهُ في مطارٍ يبتلعُ القادمينَ بنهمٍ مفزعٍ، يقتلُعُهم من جذورِهم مهما كانتْ ضاربةً في لحمِ الأرضِ، يغسلُهم من أنفسِهم، فيولدوا من جديدٍ مولِدًا آخرَ يسرقُهم من ذكرياتِهم التي هي وقودُ الألمِ في صدورِ محبيهم.. صعبٌ أنْ يرتدي القلبُ ملابسَ لاتليقُ بدمِهِ أن ينبضَ بغيرِ همهماتٍ درجَ عليها. هو كذلك نزعَ من خافقِهِ كلَّ الجمالِ، والدفءِ، والودادِ، استعار له اكسسواراتٍ غريبةٍ من الصَّعبِ أنْ يتأقلما معًا، ولكنَّهُ فعلَ! أتراهُ يعودُ وقد غيَّبتْ الأرضُ في بطنِها أمًا، وأبًا، أختًا، وأخًا؟ بالله عليك لاتعُدْ أخشى على قلبك المتعبِ الاستقالةَ من النبضِ، يمام بيتنا القديم أيضًا لم يعد يهدلُ، فقد غادرَ هو الآخرُ الدارَ. ابقَ بعيدًا، واقرأ خفقَ صدري كلما أحسست ضيقًا، علَّك تتعلم من جديد أبجدية الوفاء، فيكون بيننا كلامٌ آخر.

 

 
 
 

أختك
زاهية بنت البحر

 

This slideshow requires JavaScript.

2 thoughts on “أبحثُ عنكَ(2)

  1. lutfiyassini's avatarlutfiyassini

    احني هامتي اجلالا لشخصك الكريم
    تحية الاسلام
    جزاك الله خيرا وبارك الله لك وعليك
    أزكى التحيات وأجملها..وأنداها
    وأطيبها..أرسلهااليك
    بكل ود وحب وإخلاص..
    تعجز الحروف أن تكتب ما يحمل قلبي
    من تقدير واحترام..
    وأن تصف ما اختلج بملء فؤادي
    من ثناء واعجاب..فما أجمل
    أن يكون الإنسان شمعة
    تُنير دروب الحائرين..
    دمت بخير
    رحم الله والدي ووالديك
    كل عام وانت الى الله اقرب
    د. لطفي الياسيني
    شهيد المسجد الاقصى المبارك

    Like

Leave a reply to zahya12 Cancel reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.