Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

Daily Archives: May 18, 2010

مابسامحك

5

ودَّعتْ الحياة بقلب كسير ذاق مرارة العيش معه اثنين وستين عامًا، ماعرفت خلالها الهناء، ولاالطمأنينة في عصمة رجلٍ أناني شرس الطباع، سليط اللسان، لا يرحم من أهله صغيرًا ولاكبيرأ.
وعندما عاد إلى البيت بعد الدفن أحس بفقد من أحب، فشعر بالذنب تجاهها، وتأنيب الضمير، فعكف على الخروج ليلًا إلى المقبرة، والبكاء عند ضريحها يسألها السماح بصوت عالٍ أزعج جيران الأمواتِ من الأحياء.
مرَّتْ أيام وأسابيع، شهر.. أثنان، وهو على هذه الحال لم يفلح أحد في إقناعه بالتوقف عما يقوم به، بل صاحبه تأنيب الضمير إلى بيته، وعمله فظلَّ يصرخ سامحيني..
وذات ليل وهو في المقبرة يبكي وينوح، والريح تتلاعب بأغصان الأشجار، والمطريغسلها مما علق بها من غبار، والبرق يصدرأصوات الرعد المخيف، ازدادت به حدة تأنيب الضمير، فراح يصرخ بأعلى صوته.. سامحيني.. سامحيني.. سامحيني.
فصرخت إحدى جارات المقبرة بعد أن ضاقت به ذرعًا: مابسامحك.. مابسامحك.. مابسامحك..
ومنذ ذلك المساء لم يعد يُسمع له صوت.

 

بقلم
زاهية بنت البحر

 

 

 

 

قبرٌ خاص جدا

0

عندما صحت من البنج تلفتت حولها، كانت عينا أمها الذابلتان أول من قابلت عينيها، مدَّت إليها يديها المرتجفتين والكلام يخرج متقطعًا من بين شفتيها المتشققتين، همست بصوت مرتجف: لاتتركي لهم شيئًا من دمٍ، ولا جلدٍ، ولادهن شفط ولاأرنبة أنف.. خذيها كلها وادفنيها في مقبرة العائلة حسب مايقتضيه الشرع، واكتبوا على القبر..
قاطعتها أمها في محاولة لإسكاتها خجلا من الممرضتين اللتين كانتا تشرفان عليها: اطمئني ياابنتي لقد قام والدك بذلك قبل أن تصحي من البنج ويخبرنا الدكتور بنجاح عملياتك التجميلية.
همست إحدى الممرضتين في أذن زميلتها تسألها: هل تقصد مقصوصات جسدها الملقاة في صندوق القمامة؟


بقلم
زاهية بنت البحر

وصية

0

…. وعندئذ ثبتت عينيها في عيني وحيدها، وقد استجمعت قواها الفارة منها قبيل الرحيل، قالت وصدرها يعلو ويهبط لاهثًا: وعندما تجد في حديقتك حرباء، لاتدعها حرة تسرح فيها وتمرح، وإلا تفعل فانتظر خراب جنتك. رفع رأسه والدموع تغرق خديه، فالتقت عيناه بعيني زوجته.

بقلم
زاهية بنت البحر

المفتاح

0

التف حوله الأهل والأصدقاء يغترفون من سخاء كفه ماجعله بينهم أكرم من حاتم،
وعندما بدد ميراث زوجته من والدها، أغلق أحباء الأمس في وجهه أبوابهم،
فراح يبحث عن مفتاح لها في زواج جديد.


بقلم
زاهية بنت البحر

اتركني وشأني…

1

أتوسل إليك أن تتوقف عن استنزاف عمري بحبي لك، وانصياعي لهواك يامن ملكت قلبي وشغلت بالي، سرقتني من نفسي وممن حولي، بت أسيرتك لاأطيق عنك بعادا، سكنت فكري وأحاسيسي ، أصبحت الرئة التي أتنفس بها والهواء الذي أستنشقه، ترافقني في كل أوقاتي، في صحوي ونومي، في حلي وترحالي، بدأت أكره ضعفي أمامك، والتزامي بإخلاصي لك، نفسي تراودني أن أخونك، أن أبتعد عنك ولو ليوم أو لساعات أو لساعة يامن عشعش حبك في الشغاف، وقيدني بك قيدا قاسيًا مدمرًا كرهه أهلي ومن حولي، تمنوا لي الخلاص منك ولو بتحطيمك، أحس أحيانا أنهم على حق، فأشفق عليهم، ماألبث بعد برهة أن أعود إليك بشوق أكبر.

 يقولون بأن ارتباطي بك كان مصيبة حلَّت علينا، أصرخ في وجوههم أن اتركوني وشأني، ارتباطنا هو أجمل شيء في الدنيا، حقق لي ما تصبو إليه نفسي من سعادة في تحقيق الذات، ولكن سعادتي معك كانت على حساب سعادة الآخرين. حبك لي يجعلني أتفانى بوصالك، وأرفض أي فكرة لابتعادي عنك، ولكنك ظالم لاترأف بهم، ولاتفسح لي مجالا لأتنفس معهم بعض أثير، يالقسوتك التي لاتعرف الرحمة، بالله عليك ألا تشفق عليهم مما هم فيه بسبب ابتعادي عنهم، يحسون بالغربة وأنا بينهم، رأيت الدموع في عيون البعض منهم ، والرجاءَ بالابتعاد عنك رأفة بي وبهم، ابتعد عني أرجوك.. دعني قليلا لهم.

أشفق على نفسي من غربتي، وأنا بعيدة عنك، ولكن لابد من عودة إليهم فهم الأصل وأنت الوافد، تركني بعضهم إلى الغربة، ولاأريد أن أخسر الباقي منهم.. سأحطمك ياصديقي قبل أن تحطم حياتي .

 سأرميك من النافذة ، ولكن حذار من اقتناص قلبٍ جديد.. وداعا يامحمولي الحبيب، فبيتي أولي بي منك ولو كنت من ماس. وبعد ساعة كنت في السوق لشراء محمولٍ جديد.

بقلم
زاهية بنت البحر

 

__________________

اختناق

0

\\

\\

كلما حاولت تقبل الأمر وجدته صعبًا، لاأحتمل مجرد التفكيربأنني أصبحت أسيرة بين جدران أربعة. قال لي ذات يوم عندما رفضت هذا السجن لوقتٍ قصير: مدَّعية. يومها احسست بإهانته لي في الأشهر الأولى للزواج. تركتْ كلمته تلك ندبة في نفسي مازال ألمها يعاودني كلما حاولوا حشري في هذا السجن المخيف.
حشرتني ابنتي الليلة فيه سامحها الله، لم اقترف ذنبًا يجعلها تلقي بي في أتون عذاب نفسي كاد يوقف قلبي الذي تسرع نبضه، واصفر وجهي، وغطته يداي المرتجفتان، فحجبت عني الرؤية خوفًا مما أنا فيه. كانت الأفكار تهيج بي وتموج.. تجلدني كيفما اتفق، تأخذني إلى القبر فأرى ظلمته ووحشته وما فيه من حشرات أخشى أقلها شأنا. رفعت يدي عن وجهي إثرخبطة فوق أرض صلبة.. كنت وحيدة في أحضان الجدران التي أمقتها.. لانافذة أرى من خلالها أحدا، ظلام مطبق، اجتاحتني نوبة بكاء بصوت عالٍ، رحت أخبط بقبضتَي على الجدران صارخة:
-افتحوا الباب، أكاد أختنق، أرجوكم
كان صوتي يدوي عاليًا، أسمع صداه المفزع في وحشة نفسي المنهارة رجعَ عواء.
– افتحوا الباب، أكاد أموت.
يعلو صوتي أكثر، أكثر، أنهار فوق الأرض، اسمع صوت ارتطام جسدي المزعج ويد دافئة تمتد نحوي، تنتشلني من رعبي، فتحت عيني فوجدت زوجي يقف بالقرب من سريري، وبيده كأس ماء قدمه لي مهدئًا. أطرقت رأسي متمتمة بخجل:
– آسفة، كان حلمًا مزعجا، وسجنا مخيفا داخل المصعد الكهربائي.

 

بقلم
زاهية بنت البحر


%d bloggers like this: