ودَّعتْ الحياة بقلب كسير ذاق مرارة العيش معه اثنين وستين عامًا، ماعرفت خلالها الهناء، ولاالطمأنينة في عصمة رجلٍ أناني شرس الطباع، سليط اللسان، لا يرحم من أهله صغيرًا ولاكبيرأ.
وعندما عاد إلى البيت بعد الدفن أحس بفقد من أحب، فشعر بالذنب تجاهها، وتأنيب الضمير، فعكف على الخروج ليلًا إلى المقبرة، والبكاء عند ضريحها يسألها السماح بصوت عالٍ أزعج جيران الأمواتِ من الأحياء.
مرَّتْ أيام وأسابيع، شهر.. أثنان، وهو على هذه الحال لم يفلح أحد في إقناعه بالتوقف عما يقوم به، بل صاحبه تأنيب الضمير إلى بيته، وعمله فظلَّ يصرخ سامحيني..
وذات ليل وهو في المقبرة يبكي وينوح، والريح تتلاعب بأغصان الأشجار، والمطريغسلها مما علق بها من غبار، والبرق يصدرأصوات الرعد المخيف، ازدادت به حدة تأنيب الضمير، فراح يصرخ بأعلى صوته.. سامحيني.. سامحيني.. سامحيني.
فصرخت إحدى جارات المقبرة بعد أن ضاقت به ذرعًا: مابسامحك.. مابسامحك.. مابسامحك..
ومنذ ذلك المساء لم يعد يُسمع له صوت.
بقلم
زاهية بنت البحر
