Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

Daily Archives: May 1, 2010

راتب، وأليف

0

التقت عيناهما.. حدَّق كل واحدٍ منهما بعيني الآخر بطريقة لم يألفاها سابقًا.. قبل قليل كانا يتبادلان النظرات اللطيفة التي ترسل كهرباء المودة بينهما.. ماذا تغير الآن فبدت تلك النظرات مشحونة بما أثار قلق الطرفين.. عينا راتب ورموشهما تجمدت للحظات رجعت بها ذاكرته إلى الوراء نصف قرنٍ ونيف.. هنا في هذا البستان التقيا أول مرة.. مازال يحس برعشة يديه والعرق يبللهما، وهو يسمع نبض قلبه المضطرب في حضرة هاتين العينين الغريبتين اللتين كادتا تودي بحياته عندما رآهما تحدقان به بجرأة جعلته يسقط فوق الأرض ويداه تغطي وجهه.. صرخ بصوتٍ أسرع بأبيه وأمه إليه.. ولكن سرعان ما علت ضحكة الأب عندما عرف سر خوف ابنه.. حمله بين ذراعيه.. اقترب به من الشجرة المعمرة التي يلتف حولها (أليف) ورأسه إلى الأعلى مائلا باتجاه الطفل وأبيه، تلمع عيناه تحت أشعة الشمس عند الظهيرة.. منذ ذلك اليوم لم يعد يخاف من الزائر المقيم في بستان والده، بل صار يأتي إليه في موعد تسلقه السنديانة، ويجلس مقابلا له ويتبادل معه النظرات.. مازالا يحدقان ببعضهما بعضًا.. لم يعد طفلا تزوج وأنجب، صار جدا وأليف مازال كما هو من عهد قديم.. ورثه والده عن أبيه مع الأرض التي أحبها وأحبته… أعطاها سني عمره، فأعطته خيرًا كثيرًا.. خاض مع إخوته عراكًا طويلا في سبيل الظفر بها، وكان له ماأراد.. بعد موت الوالد ورثها راتب فكان لها خير مالك، وكانت له خير أرض.. في الآونة الأخيرة بدأ صراعه مع جاره تحسين الذي يطمع بها ويريد شراءها بأي ثمن.. راتب يصر على التمسك بأرضه التي هي بمثابة عرضه وكرامته، وأغلى عليه من الروح والمال.. نظر إلى ابنه خالد الذي نهض للتو من مجلسه حاملا بيديه بقايا طعام الغداء.. لم ينتبه خالد لأبيه.. ألقى فتات الخبز أمام الدجاج، وعاد يستأذنه بالانصراف بعد أن أنهى معه حرث القسم الشرقي من البستان.. وقف مشدوها عندما رأى والده يحدق في عيني أليف، والأخير ثابت النظرات.. مازحه بشعر كتبته أخته حليمة في أليف ورددته أفواه المدينة.. لم ترمش له عين.. – أبي صمت. – أبي مابك؟ – هسسسس – أبي – هات الفأس.. يكفيه.. وقبل أن يرتد إليه طرفه كان (أليف) الحنش المؤلف الذي- لم ينجب صغارًا وليس له رفيقة، ولم يؤذ أحدًا، ولم يسرق الدجاج ولاالبيض- ينسل عن السنديانة زاحفًا نحوه بجسمه الطويل الثخين.. يلتف حول جسده.. يعصره بقوة تجعله يصرخ مستنجدًا، وابنه فزعًا أمام محاولات والده للتخلص من التفاف أليف حوله، ولكنَّ محاولاته باءت بالفشل.

 بقلم

زاهية بنت البحر

عطشٌ، و..

7

 

أخيرا وجدته، إنه الكأس الذي سأروي بمائه ظمئي، سأشربه أيا كان طعمه، ماأشد لمعان زجاجه تحت أشعة الشمس، لن يسبقني إليه أحد، إنه لي، سأقتل من يحاول انتزاعه مني، مضت ثلاثة أيامٍ  وأنا أتضور جوعا، وأتلوى عطشا، وجسدي ينزف عرقا، صحراء قاحلة، لاأدري كيف وصلتُ إليها، أجل كيف؟

 أذكر أن طائرا عملاق الجسد التقطني من فراشي وأنا نائم، كانت النافذة مغلقة والباب أيضا،  كيف استطاع اختراق الجدران وانتزاعي من نعيم  بيتي؟ لست أدري.. صرخت أستنجد بأهلي، لم يسمع صوتي أحد، تذكرت، كان صوتي مكتوما، مدينتي لاتعرف هذا الطائر الغريب، لم يؤذني، رماني في الصحراء، وفرَّ محلقا بعيدا عني، تمنيت أن يرجعني إلى بيتي أو  يحضر لي أحدا أعرفه، يؤنس وحدتي، يسند ضعفي، لكنه غاب و لم يعد إلي. الشمس  تشوي جسدي، تفرغه من مائه، أحتاج شربة أدفع ثمنها ثروتي، بيتي، مدينتي، ماء.. أريد ماء، تبتلع صوتي رمال الصحرء.. ياإلهي هاهو أمامي، الكأس، أجل لقد وجدته الآن  بعد عراك مرير مع العطش، ومقاومة الموت في بيداء لاترحم ضالا. 

ماباله يبتعد عني كلما اقتربت منه، قف مكانك أيها الكأس، كفاك لهوا بي، العطش يدنيني من النهاية، أرجوك.. لاأريد الموت الآن، مازالت أحلامي تناديني برخيم الصوت، وأضواء المنى تلوح لي، بالله عليك ساعدني للقبض عليها، إنها تلعب بي مثلك تماما، تارة أراها قريبة وتارة تهرب مني..

 أحسنت صنعا بتوقفك الآن  عن الابتعاد، سأمسك بك، أروي عطشي الظالم، آه وأخيرًا حضنَتْكَ يدي بقسوة، اعذرني لاأريد مفارقتك قبل  افراغ ما فيك في جوفي الملتهب، ماؤك صافٍ كمرآة أرى بها  وجه السماء، زرقاء، بلا غيوم، ياإلهي ماهذا.. إنه الطائر يعود إلي، أرى خياله في الكأس، إنه يقترب أكثر.. سأشرب الماء قبل أن.. ويلاه ..  خطف الكأس مني.


بقلم
زاهية بنت البحر

 

 

<script type=”text/javascript” src=”https://widgets.amung.us/tab.js”></script><script type=”text/javascript”>WAU_tab(‘3ekvqj846bo9’, ‘left-middle’)</script>

نجوى

1

 

يفوحُ الخيرُ بالنجوى يفوحُ
فتشفى بالشَّذا فيه الجروحُ
فلا همٌّ يهيضُ لنـا جناحًـا
يهيمُ بخفقِهِ قلـبٌ طمـوحُ
ولايـأسٌ يحاربنـا بلـؤمٍ
يعينُ هجومَه غدرٌ صريـحُ
يباعدنا عن الأخلاقِ غيظـا
من الإيمانِ مرتعدًا يصيـحُ
ولابينٌ يفرِّق شملَ شعـبٍ
أحبَّ كتابَـهُ وبـه يسيـحُ
فنأخذ حذرنا في كـلِّ أمـرٍ
ويجمع شملنا رجلٌ نصوحُ
ونحنُ الصِّيدُ بالنجوى نلاقي
أماني النصر بالبشرى تلوحُ
شعر
زاهية بنت البحر

 

أوَّاهُ ياأمُّ

4

 

لوكنتَ تدري بما قدْ أيْقظـتْ فينـا
هذي القصيدةُ من أحزانِ ماضينـا

كنتَ استعدتَ معي الأيامَ من سفـرٍ
في غمضِ أجفانِها التذكارُ يُضنينـا
كنتَ ارتجلتَ قصيدا من لظى حُرَقٍ
بالعطـرِ تكتبُـهُ لــلأمِّ تأبيـنـا
آهٍ من الفقـدِ إنْ تنشـبْ أظافـرُهُ
في القلبِ تسقِ المحبَّ الشوقَ غسلينا
أواهُ ياأمُّ كيـفَ المـوتُ فرَّقنـا؟
وولَّدَ الشـوقَ بالحَسْـراتِ يكوينـا
هو القضاءُ ورأسي ينحني وجـلا
والعمرُ يفرغُ مـن قلـبٍ يواسينـا
أواهُ يامهجتي مـن نـارِ فرقتِهـا
بَعـدَ الحبيبـةِ لا شـيءٌ يهنينـــا
إليكَ ربيِّ رجائـي أنْ تعوضَهـا
عـن الحيـاةِ جـــوارًا بالنبييـنـا

شعر
زاهية بنت البحر

 

 

كلمة حق بهمسةٍ دافئة قد تفتح أمامك أبواب السعادة مالم تجعلها مصيدة لكسب مأرب لايتوافق هدفه مع مكارم الأخلاق، فاحذرْ من اللعب بالنار، وكن قلبًا صادقًا ورعًا بهمسة الحق ودفئها.

بقلم

زاهية بنت البحر

%d bloggers like this: