Daily Archives: October 12, 2010
وقتان وظلّ
7
وقتان فقط يكون فيهما الظلُّ طويلاً، شروقٌ، وغروبٌ بينهما يمتدُّ بساط ُيومٍ
ملؤهُ الحياة ُبجميلِ وقعِها وأليمِ دمعِ، وسموِّ قدْرِها، وريثما ننتقلُ من طويلِ
ظلِّ الأملِ شروقًا إلى طويلِ ظلِّ اليأس غروبًا؛ نطوي صفحةً لوجهِ
ضيفٍ رسمَ على جدرانِ عمرِنا حكاياتٍ تزورُنا عندما نحسُّ بالشوقِ إليها، تعودُ
بعدَها إلى مخزنِ قصاصاتِ العمرفي زنزانةِ الذكريات، بانتظار شوقٍ آخرَ
يُطلقُ سراحَها بنزهةٍ أثيريةٍ في عالمِ الوعي ..
بقلم
زاهية بنت البحر
حوار هاتفي بين امرأتين
0
|
عامر صديقة قديمة.. مثقّفة.. نبيلة وذات أخلاق حميدة.. تخاف الله، طرية اللسانِ بذكره، تحب الخير لكل من حولها، تشاركهم أفراحهم، وأتراحهم لكنّها فضوليّة تحشر نفسها في أشياء لاتعنيها.. شيء آخر كان يتعبها، وأهلها هوتفكيرها في شتّى الامور، وإبحارها في التّفسيرات المختلفة لما يواجهها في الحياة هي متميزة جدًا لكنَّ تميزها هذا لم يكن في صالحها عائليا ولا اجتماعيا.
|
هذه خمس
2
هذه خمس أصابع وتلك خمس أخرى إنها أصابعي أنا …. أعرفها جيداً… بها مرت يداي فوق ستار الكعبة أستجدي ربَّ السماء العفو والعافية… بها قلَّبت صفحات كتاب الله أحفظ منه ماشاء الله لي من خير، وبها مسحتُ دموعاً جرَّها الحزن بموت أبي، وأمي.. أختي، وأخي العريس قبل موعد زفافه بزمن قصير.. كانت تتراقص سعيدة في حفل خطوبته… تتمايل بليونة ملفتة كأوراق الشجر بهبوب نسيمٍ منعش في يومٍ صيفيِّ حار… من بين تباعدها كنت أرى عينيه الخضراوين تلمع بالبشرِ ممزوجة بدمعة خفية حسبتها دمعة فرحة فخابت حساباتي عندما قضى نحبه بحادث سيارة مؤلم ألقى بي في متاهات القهر، ولهيب الذكريات.. لم يُسمح لي برؤية وجهه بعد الحادث، فتلمست بها تقاطيعه الجميلة من فوق الكفن، فاحترقت وجعاً على وجع. إنها عَشرة ولي معها عِشرة مديدة السنين منذ أن شهدتُ بسبابتها (أن لا إله إلا الله) حتى نقشت بها فوق صفحات الشبكة العنكبوتية حروفاً من نور، كانت لأمي أصابع تشبهها حد العجب ربتتْ بها على كتفي مشجعة حماسي وطموحي بطلب العلم، قالت لي ذات يوم، وهي تشير بسبابتها نحو السماء: إيَّاكِ ثمَّ إيَّاكِ واليأس، فإنه قاتل النفس.. لاتركني يوماً للكسل.. لاتغلقي باب الحلم بسَجن الأمل.. اشتري السعادة بالحقيقة والآخرة بنقاء السريرة، والشجاعة بالتقو، وعندما أزحتُ الكفن عن وجهها، وفتحتُ عينيها بأصابعي.. رأيتُ بحراً أزرقَ البعدِ رائق العمق توحَّد بلون السماء، فكدت أغرق فيه مجدفة خلفها بأصابعي العشرين لولا أن نهرتني أختي، فأطبقت بأصابع يديَّ جفونها، وسبابة اليمنى تشهد (أن لاإله إلا الله) هي أصابعي التي صاحبتني عمراً أعتز به، وستظل رفيقتي لقادمٍ يعزُّني حيَّةً، وميتةً، فأروني أصابعَ كأصابعي أشهد لكم بالخير.
بقلم
زاهية بنت البحر