اليوم كان في زيارتي قادم من خلف المحيطات، جلسنا معا نحتسي قهوة المساء، وأريج الماضي يعبق في أجواء غرفتنا. كنتَ معنا، نعيدك رغما عنك بذكريات ما أجملها حاضرا وماضيا، سمع قلبي برهافة حسه همسك لنا، ورغبتك بلقائنا بعد أن رحل عنا الأب والأم والأخت ووليد. كم أحبك يامصطفى يارفيق الطفولة، وياشقيق الروح، وكم أحب هذا العُمَر الذي تذكرني عيناه بعيني والدنا رغم ما تحمله من شقاوة محببة لنا. جلست أملأ عيني من ابتسامته الساحرة، وقلبي من محبته، وروحي من شوقي لبيتنا ونحن نسقسق فيه فوق أفنان السعادة، يرعانا فيه بعطفه ورحمته محمد وأمُّنا الزهية. بالله عليك أما شعرت برعشة شوق لارتشاف قطرة حنان من كأس الماضي؟؟ أرجوذلك..
رفع يده بغضب وراح يمسح المرآة التي وقف أمامها، ومابين عينيه عقدة بحجم جوزة صغيرة..أرخى يده، وعيناه ترمقان وجهه المرتدَّ إليه من خلال صفحة المرآة.. اقترب منها برأسه.. ابتعد.. رفعه إلى أعلى.. التفت به إلى اليسار.. إلى اليمين.. نزل به إلى الأسفل مائلا، وعيناه تتفحصان وجهه في كل الاتجاهات التي قام بها خلال وقت قصير.. رجع إلى الوراء خطوتين ويداه تعبثان بوجهه صعودًا وهبوطًا.. زمَّ فمه بغضب.. فتحه ثانية وهو يقذف منه رذاذًا أغرق وجهه في غبش المرآة..