ربما كان في تلك المقولة المشهورة”أذن من طين وأذن من عجين” التي ترددها الأمهات على الطفل العنيد شيء من الصحة، فقد أثبتت التجارب اللغوية أن أذني الإنسان تسمعان بشكل مختلف كليا، فعلى اعتبار أن مخ الإنسان يتكون من فصين أيمن وأيسر، وأن الفص الأيمن يسيطر على الجزء الأيسر من الجسم، والفص الأيسر يسيطر على الجزء الأيمن من الجسم، فقد أجريت تجربه سميت بالاختيار الذهني السماعي المزدوج، وفيه يلبس الشخص الذي يجري عليه الاختبار سماعة للأذن، ويصدر من كل سماعه كلمه، فمن السماعة اليمنى مثلا يسمع الشخص كلمة ((قط)) ومن اليسرى يسمع كلمه((هر)) وتبث الكلمتان في نفس الوقت وعندما يطلب من الشخص إعادة ما سمع فسيُجب: ((قط)) أي الكلمة التي سمعها من إذنه اليمنى، وفُسر هذا بأن الكلمات تُستوعب في الجهة اليسرى من المخ،أما من يسمع من الأذن اليسرى فعليه القيام برحله من الأذن اليسرى إلى الفص الأيمن ثم إلى الفص الأيسر فيصل متأخرا عما سمع من الأذن اليمنى؛ كذلك يبدو أن الأذن اليسرى تختص بسماع الأصوات وليس الكلمات؛ حيث أثبت نفس الاختبار أن الجزء الأيمن من المخ يستوعب الأصوات المختلفة مثل أصوات السعال وأبواق المركبات وتغار يد العصافير، وسبحان الخالق العظيم الذي خلق هذا الجسم على أحسن صورة، وجعل في هذا الوعاء الصغير (المخ) ما تعجز عنه ملاين الأجهزة والحواسيب، فهو يتلقى ويستوعب ويرد في أجزاء من الثانية بلا أوامر معقدة أو عمليات حسابيه لا نهاية، لها فسبحان من سخر كل ذرة من الجسم البشري لما يعين هذا الإنسان.