حينما أتعمقُ فكرًا في هذه الحياة أجد فيها العجب، فأضحكُ قليلًا وأبكي كثيرًا .. ماأصعبَ أن تفقدَ عزيزًا فتصدم بحقيقةِ ضعفِكَ إن فكرتَ باستردادِه.. هذا الضعفُ الذي يتطوَّس فيناغباءً وجهلًا نجتازُ به السحابَ غرورًا ، ونخرق الأرض كبرًا وبطرًا، ونحنُ أوهنُ مما نظنُّ بكثير.. أحيانًا أشتاقُ للحظةٍ هاربةٍ باتجاه المجهول، تسربت كالماءِ من بين أصابعِ العمرِ، فأركضُ بلاوعي لاسترجاعِها، ولكنْ هيهات هيهات .. كان صغيرًا جميلًا أحببتُهُ حبَّ الأم لطفلِها.. كبرَ الصغيرُ.. صارَ رجلًا، وعندما أنظرُ في وجهِهِ أحسُّ بالشوقِ يغزوني لوجهِهِ الطفولي..لكلامه.. حركاته.. شقاوته. أجل أشتاقُ إليهِ بجنونٍ.. أريده أن يعودَ لي كما كان سابقًا.. أريده الآن الآنَ .. لاذنب لي إن هو كبرَ وتغيرتْ ملامحُهُ وتفكيرُهُ.. أريدُ صغيري.. اشتاق له صدرُ أمومتي.. فأبكي وأنا أضع رأسي بين يديَّ عاجزةً عن استرجاعِ طفل ٍ من زمنٍ سافر بقطارِ الذكريات تاركًا وجهًا آخرَ لولا أن أحببناه لكنا فقدنا العقلَ ألمًا، وحسرة على من تعلقنا به صغيرا، حماه الله طفلا وشابا ورجلا.