التفتت الشمس إلى الوراء قليلا، اكتسحت بضيائها ما خلفته بغروبها من ظلام، فرأت هناك نخلة عالية لم تحن يومًا رأسها للريح، رأتها بعين بصيرتها كئيبة، وانية، تترنح مذبوحة وكأنها أصيبت بمسٍ سلبها إرث الكبرياء، فغدت محط شفقة جيرانها من النخيل الصامد وشماتةِ البعض الآخر، ما بالها وانية، قلقة تلعب بسعفها الريح أنى شاءت، فتكشف وشاحها عن سرِّ ذاتها، وتسقط عزوقها فوق التراب الموحل بالدمع الحزين. أحست النخلة المنكوبة بحرارة الشمس الدافئة تلم شعثها، فاتجهت نحوها بكلِّها علَّها تستطيع التعلق بجدائل شعرها الذهبية، تتسلق بها من جديد إلى بيتها الرابض عاليًا قبل أن يقتلعها حطاب الغابة من الجذور، وعندما لامست يداها أطراف الضفائر، هوت الشمس إلى البحر، وانطفأ نورها في الأعماق.
بقلم
زاهية بنت البحر
مريم محمد يمق