Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

ممارسات نقدية ( 2 ) ليلة ليلاء يحيى هاشم

1


ممارسات نقدية\ يحيى هاشم
ليلة ليلاء
زاهية بنت البحر
كانت نفسها المتهالكة فوق جدران دواخلها المرهقة بالقلق, تحاول بما تبقي لديها من بعض قوة أن تتشبّث بتلك الجدران الملساء الرّطبة بالخوف , كلما كانتْ تسمع صوت قصف الرّعد يشتد حدَّة وتكراراً,وترى بعينيها الذابلتين كتينةٍ وميض البرق يكشف لها برهبة مخيفة ماكان الليل قد أرخى سدوله عليه بمهارة فائقة قبل عدّة ساعات,ولكن غطرسة الفشل ظلّتَ تمنعها بخبث من تحقيق تلك الأمنية التي ربما كانت هي الاخيرة لها بعد ليلة قاسية الحضور, شديدة الوطأة عليها 0
في صراعها مع الخوف وحيدة في بيتها الكبير الذي منحها إيّاه عارف عندما قبلت به زوجا لها, وهي تعلم أنّ له زوجة ثانية,وخمسة أولاد, وابنتين,تزوجت إحداهما ومازالت الثانية تتابع دراستها الجامعية ,و الأولاد في مراحل دراسية مختلفة ,أ كبرهم سنا في الصّف الثّالث الثانوي,وأصغرهم في الصّف الرّابع الابتدائي ,بينما لم تتجاوز والدتهم الاربعين بكثير ,رنّ جرس الهاتف فقفزت يسرى بأعوامها الثّلاثين في الهواء(ربما ربع متر), رعبا من ذلك الصوت المفاجىء الذي كانت تنتظره بفارغ الصّبر ولكن خوفها أنساها ما تترقبه منذ حين0
ارتجفت يدها وهي تمسك بسماعة الهاتف, وعندما بدأت بتحريك فمها راحت أحرف( ألو) تتكسر فوق شفتيها متعثرة بانفتاح باب غرفتها المباغت , ودخول رجل من خلاله لم تتبين ملامح وجهه الذي كان مغطى بقناع أسود,لم تحرك ساكنا 00 تسمرت في مكانها, وفارقت الرّجفة يديها,وشخصت عيناها في الافق البعيد, وعندما سقطت السّماعة فوق الأرض , وصوت عارف يقول::ألو 00ألو 00ألو
ابتسم القادم وهو يرفع القناع عن وجهه هامساً بصوت منخفض: لن تردّ عليك هذه اللصة بعد اليوم ياأبي0

[/frame]

ليلة ليلاء قصة إعتمدت على المفاجأة فهل فاجأتنا ؟
– العنوان ( ليلة ليلاء )
عنونا جذاب فهو لا يفضح النص ولكن يقدمه لك مدثرا بظلام الليل فلا تعرف ماذا حدث فتغوص سريعا فى القصة علك تعرف .

– الفكرة
هى نفس متهالكة – قلقة ( لكنها تملك بعض القوة ) يا للنساء !
هى تجلس وحيدة فى ليل شتوى قارص راعد بارق مخيف .
هى وحيدة والوقت يمر دون أن يأتى الغائب ( ياله من عنيد ) !
هى زوجة ثانية لرجل يحمل هموم رجولته وهموم أبنائه ( وخمسة أولاد, وابنتين,تزوجت إحداهما ومازالت الثانية تتابع دراستها الجامعية ,و الأولاد في مراحل دراسية مختلفة ,أ كبرهم سنا في الصّف الثّالث الثانوي,وأصغرهم في الصّف الرّابع الابتدائي )
تتنتظر هاتفا منه , وعندما يرن هذا العنيد تفاجأ بملثم خطف منها الهاتف ليعلن أن ( ابتسم القادم وهو يرفع القناع عن وجهه هامساً بصوت منخفض: لن تردّ عليك هذه اللصة بعد اليوم ياأبي0

– الشخصيات
هى ( يسرى ) ولا أعرف لماذا كتبت هكذا ؟
شخصية دائرية ( لم تفصح لنا الكاتبة رغم المقدمة التى أفصحت كثيرا عن مكنونها ) لكننا تسللنا إلى داخلها فإكتشفنا مدى المعاناة النفسية التى تعانيها , ومدى الرعب الذى تعيشه وحيدة , ولكنها قوية تتمسك بأمل زائف مبتل على جدار منزلها الرطب .
هو ( عارف ) يحمل من الهموم إثنتين , ويحمل من المتاعب خمس , والعدل الغائب فى طيات العمر المنهمر كمطر الشتاء سيلعنه طوال حياته
أتعرف هذا يا عارف ؟
شخصية رئيسية فى القصة رغم أن دوره غير معلن ولكن العقدة كلها هو .
هو أحد أبنائه جاء يتخلص من السارقة التى سرقت أبيه منه فقرر أن يكون هو المخلص وينهى تلك المأساة .

– الزمكان
براعة القصة القصيرة فى الزمان الواحد الذى يسوققك إلى أكثر من زمن , ومكان واحد متداخل متشابك يشعرك بأنك تتحرك دائريا فى أكثر من مكان ( التنقل بلا تنقل ) .
والربط بين الزمان والمكان لنحصل على ( الزمكان ) هو قمة الإحتراف القصصى .
الزمان هنا ( شتاء قارس راعد بارق ) إستغلته الكاتبة خير إستغلال فى مقدمتها
( كلما كانتْ تسمع صوت قصف الرّعد يشتد حدَّة وتكراراً,وترى بعينيها الذابلتين كتينةٍ وميض البرق يكشف لها برهبة مخيفة ماكان الليل )
ولكنه تاه منها وسط جريها السريع لتصل للنهاية التى خشت أن تفلت منها .
المكان حجرة رطبة بشتاء قارس ولكننا لم نصل مع الكاتبة عن ما يشبعنا فمكان هكذا وسط وحشة الشتاء المرعب لصورة فنية كانت تحتاج من يرسمها جيدا !

– البناء القصصى
– المقدمة ( كانت نفسها المتهالكة فوق جدران دواخلها المرهقة بالقلق, تحاول بما تبقي لديها من بعض قوة أن تتشبّث بتلك الجدران الملساء الرّطبة بالخوف , كلما كانتْ تسمع صوت قصف الرّعد يشتد حدَّة وتكراراً,وترى بعينيها الذابلتين كتينةٍ وميض البرق يكشف لها برهبة مخيفة ماكان الليل قد أرخى سدوله عليه بمهارة فائقة قبل عدّة ساعات,ولكن غطرسة الفشل ظلّتَ تمنعها بخبث من تحقيق تلك الأمنية التي ربما كانت هي الاخيرة لها بعد ليلة قاسية الحضور, شديدة الوطأة عليها )
لوحة أدبية غزيرة اللغة والصور لتعلن لك الكاتبة لأنك لست أمام هاوية أو ممن يدقون على أبواب القصة القصيرة بأيد مرتعشة ( فالأقلام الخائفة لا تصنع قصصا عظيمة ) وليم فولكنر .
الكاتب المحترف والممتلك أدواته هو الذى يعطيك كل المعلومات عن شخصيته دون أن تشعر
( ما وراء النص ) هو الأقوى .

– العقدة ( ولكن غطرسة الفشل ظلّتَ تمنعها بخبث من تحقيق تلك الأمنية التي ربما كانت هي الاخيرة لها بعد ليلة قاسية الحضور, شديدة الوطأة عليها )
إنتظار الزوج ( مكالمة منه ) فهو فى تلك الحالة تحول إلى صوت مجرد صوت ( أحيانا نكتفى بالقليل حتى نصدق أن هذا القليل هو كل شىء ) .

– النهاية ( ارتجفت يدها وهي تمسك بسماعة الهاتف, وعندما بدأت بتحريك فمها راحت أحرف( ألو) تتكسر فوق شفتيها متعثرة بانفتاح باب غرفتها المباغت , ودخول رجل من خلاله لم تتبين ملامح وجهه الذي كان مغطى بقناع أسود,لم تحرك ساكنا 00 تسمرت في مكانها, وفارقت الرّجفة يديها,وشخصت عيناها في الافق البعيد, وعندما سقطت السّماعة فوق الأرض , وصوت عارف يقول::ألو 00ألو 00ألو
ابتسم القادم وهو يرفع القناع عن وجهه هامساً بصوت منخفض: لن تردّ عليك هذه اللصة بعد اليوم ياأبي0)
مفاجأة !
نجحت الكاتبة أن تخدع القارىء وتحول الدفة من زوجة تنتظر زوجها ( مكالمة منه ) إلى نهايتين متداخلتين .
نهاية توقعها القارىء ( أن يتصل الزوج ) , وهذا حدث .
ونهاية لم يتوقعها القارىء ( وهى التى بنيت على أساسها القصة وليست العقدة ) أساس القصة هنا هو تلك النهاية لذا تجد أن الكاتبة كانت تسرع الخطى إليها فمرت على أشياء كثيرة مرور الكرام .
تلك النهاية هى أن يقتل ( هكذا قرأت ) إبن الأب تلك اللصة التى سرقت والده .

– اللغة والتصوير
اللغة راقية قوية تناسبت مع المواقف التى مرت بها القصة مثل
المقدمة وما بها من كلمات تعبر عن الشتاء وعن الحالة التى تمر بها يسرا .
والنهاية كلمة لصة أوضحت لى أنه سيقتلها فما جزاء اللصة ؟
يعيب على الكاتبة اللغة التقريرية فى وصف حال الزوج .

التصوير
كان قويا فى المقدمة وفتر فى الوسط ( وهي تعلم أنّ له زوجة ثانية,وخمسة أولاد, وابنتين,تزوجت إحداهما ومازالت الثانية تتابع دراستها الجامعية ,و الأولاد في مراحل دراسية مختلفة ,أ كبرهم سنا في الصّف الثّالث الثانوي,وأصغرهم في الصّف الرّابع الابتدائي ,بينما لم تتجاوز والدتهم الاربعين بكثير )
وفى النهاية تجمع ليعلن ما سيحدث .
ليلة ليلاء قصة لكاتبة تمتلك أدواتها وتعلم ماذا يريد القارىء فتمنحه إياه ولكنها لا تمنع نفسها من أن تضع فى القصة ماتريده هى
تحياتى
يحيي هاشم

One thought on “ممارسات نقدية ( 2 ) ليلة ليلاء يحيى هاشم

  1. Pingback: ممارسات نقدية ( 2 ) ليلة ليلاء يحيى هاشم / الياسيني للأخبار

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: