عنوان خطبة الجمعة التي ألقيتها في جامع السباهية 2014/5/23م
قال تعالى: (( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) )) سورة الأنبياء .
ـ منذ أيام توجه الآلاف من أبنائنا لأداء امتحان الشهادة الإعدادية ، و بعد أيام سيتوجه الآلاف من أبنائنا كذلك لأداء امتحان الشهادة الثانوية ، وهو الامتحان الذي يوليه الناس أهمية كبيرة حرصاً على مستقبل أولادهم ، حتى إننا نجد الكثير من بيوتاتنا قد اضطربت اضطراباً شديداً ، من أجل أن توفر لأولادها الدارسين كل رعايةٍ و عنايةٍ ، عسى أن ينجحوا في امتحاناتهم .
ـ أسأل الله لهم النجاح و التوفيق ، و أن يجعلهم أداة خير لأسرهم و مجتمعاتهم .
ـ لا شك أن امتحان الثانوية العامة امتحانٌ له أهميته ، إلا أن هنالك امتحاناً أعظم و اختباراً أهم ، إنه اختبار و امتحان يوم القيامة ، أسأل الله أن يعيننا عليه ، و يجعلنا فيه من الفائزين ، و بما أننا نعيش أيام اختبارات و امتحانات ، اسمحوا لي أن أجري مقارنةً سريعةً بين امتحان الدنيا ، و امتحان الآخرة يوم القيامة:
1 ـ المكان و الزمان : امتحان الدنيا ، يكون في جوٍ هادئٍ و مكان مخدَّم ، على مقاعد مريحة و تحت أنوار ساطعة ، و ربما كان في القاعة مكيفات تلطف الجو ( حسب احترام المؤسسة العلمية ، أو الدولة، لطلابها ) .
أما امتحان الآخرة ، فهو في جو رهيب ، و موقف صعب مهيب ، تذهل فيه كل مرضعةٍ عما أرضعت .
يوضح طرفاً منه ، حديثُ رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي أخرجه أحمد في مسنده عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: « تَدْنُو الشَّمْسُ مِنَ الأَرْضِ فَيَعْرَقُ النَّاسُ ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَبْلُغُ عَرَقُهُ عَقِبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَجُزَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْخَاصِرَةَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ مَنْكِبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ عُنُقَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ وَسَطَ فِيهِ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَأَلْجَمَهَا فَاهُ -رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُشِيرُ هَكَذَا – وَمِنْهُمْ مَنْ يُغَطِّيهِ عَرَقُهُ ».
أسأل الله أن يلطف بنا ، و أن يجعلنا ممن يُعِدُّ لذلك الامتحان العدة .
2ـ المراقب و إمكانية الغش : المراقب في الدنيا بشرٌ مثلك ، محدود القدرة و الطاقة ، قد يغفل و يملُّ و يتعب و يسهو ، عندها يجد بعض الطلاب من أصحاب النفوس المريضة فرصةً للغش و التلاعب .
أما الرقيب في امتحان الآخرة ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة ، و لا يغيب عنه شيء في الأرض و لا في السماء ، قد أحاط بكل شيء علماً ، فهو الذي قال في كتابه: (( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ………..(255) )) سورة البقرة.
3ـ فرصة التعويض : في امتحان الدنيا هنالك فرصة أخرى ، سنة مقبلة ، أو دورة ثانية ، و ربما ثالثة .
أما في امتحان الآخرة ، فلا رجعة و لا دورة ثانية ، و الفشل فيه خسارة ما بعدها خسارة ، نار يخلد فيها الكافر ، و ثبور و هلاك و عذاب و ضياع ، قال تعالى: (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100) )) سورة المؤمنون .
ـ أخيراً أقول : أسأل الله العلي القدير أن ينبهنـــــــا قبـــــــــل فـــــــوات الأوان .
اللهم آمين آمين آمين آمين
جزاك الله الخير شيخنا الفاضل وائل عبد الفتاح البزم
مريم “زاهية
LikeLike