Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

بانتظار الأمل(رواية لزاهية بنت البحر)66

2

شعرت رضوى بقشعريرة تسري في جسدها.. ترعش أطرافها بخفق قلبها المتسرع.. أحست بتبدلات ما تحدث داخلها.. ربما  ماتشاهده أمامها  جعلها تفهم الحياة أكثر.. تعيد ترتيب أفكارها من جديد بوضوح على أرض الواقع.. كرهت الرمادي.. لن تخادع نفسها بعد اليوم.. هي تريد أن يكون لها طفل.. جاهدت في سبيل ذلك كثيرا.. تتمنى أن تجرب آلام المخاض ولو مرة واحدة في حياتها تحقق بها إحساسها بالأمومة هذا صحيح، لكنها بعد الليلة لم تعد تريد ذلك.. ولن تفكر به ثانية.. لن تحس بالحزن والألم لحرمانها من طفل يولد من رحمها يناديها “ماما”..

 حمدت ربها على أنها عقيم، وحمدته كثيرا أن منَّ عليها برزق طفلا لم تحمل به تسعة أشهر، ولا عانت قسوة الوحام، ولم تتعرض لآلام وضعه، فمن يدري أوليس من الممكن أنها كانت ستموت أثناء الولادة؟ هي بالذات فليست كل من تلد تموت، فأنقذها الله بالعقم من الموت.

 أقسمت رضوى أنها ستحب رزق  أكثر من أي وقت مضى، وستعمل المستحيل لإسعاده، فهو نعمة أكرمها الله به من حيث لا تدري، وقد تجد فيه قلبا حانيا يهتم بها عندما تتقدم بالسن ربما أكثر من ولد أنجبته قد يكون عاقا بها، فقد سمعت عن أبناء طردوا أمهاتهم من بيوتهم فلمَّهن أصحاب الخير، أو ملاجئ العجزة.

صمت شيماء الرابح كان معذبا لها.. صمت خارج عن إردتها.. أحست الليلة بالضعف.. بالعجز.. بالقهر.. كل شيء كان يبدو لها مؤلما.. حتى الصمت كان حارقا.. ليتها تستطيع أن تقدم مساعدة لهذه الغزالة التي تحتضر أمام عيون الجميع.. يرونها عن كثب لكن لا يمدون لها يد العون، لعجزهم أمام جبروت البحر.. ما أمرَّ طعم طعنة العجز في الخاصرة..

سراب تواجه الموت وحيدة رغم كل من حولها.. تُذكِّرُ أمَّ أحمد بموت ابنها وحيدا هناك خلف البحار في سفينة امتطى صهوتها لكسب الرزق الحلال، وسراب امتطت صهوة الحمل لإنجاب طفل الحياة.. دعت الله أن ينقذها لشبابها ولمحبيها.

كانت بين الحاضرات صبية حفر الموت في قلبها اسم أحمد بأظافر الحزن.. شوه صفاء الخفق برعشة الألم، ودفق الدم بملح الصبر.. لأول مرة تحضر لمى حالة ولادة.. مازال هذا يعتبر عيبا بالنسبة للبنات.. وجدت نفسها الليلة مجبرة على الحضور لظروف خالتها الصعبة خاصة وأنها المرة الأولى التي تخرج بها من البيت بعد وفاة ابنها، وما مجيئها إلا كرمى لابنها التي أحبت أن يشارك بها عادل بوجودها معهم..

عندما رآها عادل أحس بأن أحمد في هذه الليلة قريب منه وسعيد جدا.. هي الذكرى تتسرب من مخدعها برؤية محب لأصحابها.. تفور.. تندلق شلال عسلٍ أو بركان ألم.. ما أروع الجداول عندما تنساب على وقع ترانيم الفرح ولو اختلط الحلو فيها بالمر.. فهي برغم انشغال النفس بأمور أهم فإنها تظل مبعث إحساس داخلي مريح، تجعل القلب مطمئنا لشيء ما لا تميزه أثناء الانشعال بالأهم. وعندما تغدق المحاجر الدموع على الخدود فرحا، أو حزنا، يطيب للباكي مسحها بمنديل المحبين.

 قد يكون  في كثير من الأحيان للكلمة الطيبة تأثير فعال في شفاء مريض أكثر من أقوى دواء كيميائي يباع في الصيدليات، ماأحوجنا لصيدليات القلوب الطيبة، وما أقل وجودها في زمن النفايات النفسية المتزايدة انتشارا بين الناس.

بقلم

زاهية بنت البحر

2 thoughts on “بانتظار الأمل(رواية لزاهية بنت البحر)66

  1. eman

    ان الكلمه الحلوه والطيبه لها الاثرالكبير بحياتنافهي تجعلنا ندخل الى قلوب الاخرين من دون ان نطرق الابواب ونتغلغل في نفوسهم حتى من دون استاذان فما اكبر اثر هذه الكلمه على النفس

    Like

  2. zahya12 Post author

    صدقت أختي المكرمة إيمان، وهي سهلة والله ولاتكلف كثيرا ..
    المهم أن تكون صادقة وتخرج من القلب
    فتدخل القلب دون استئذان، ولكن هناك الكثير من النفوس الشحيحة حتى بالكلمة الطيبة
    لك شكري وتقديري
    أختك
    زاهية بنت البحر

    Like

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: