Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)48

0

–    أي دفء وأي حنان تتكلمين عنه ياامرأة؟!! رزق حشرة يخطر ببالي أحيانا دهسه بحذائي المهترئ لأرتاح منه ومن مصائبه. أمامك خياران لا ثالث لهما، أنا أو رزق؟

تعترف رضوى لأم عادل نادمة بأنها ظلمت رزق كثيرا.. أهانته.. ضربته.. جوَّعته.. قيدته.. حرمته دخول المدرسة..

 هي الآن تريد التكفير عما فعلته.. سعفان تخلى عنها بسببه وهي لن تتخلى عن رزق.. ستعيد له حصَّة والدته من البيت.. ستدخله المدرسة.. ستهتم به.. لن تكون جاحدة بعد اليوم.. فليرحل سعفان.. لم يعد ذا أهمية بالنسبة لها بعد أن تأكدت بأنها عقيم لن تنجب أطفالا، وأنه لا أمل في إصلاح سعفان الذي سيتركها ذات يوم بعد نفاد نقودها، وسيعود إلى بيته وأولاده.. سيكون رزق منذ اليوم ابنها المدلل.. ستحبه كما لو كان جنينا تربى في رحمها.. سمعت دقات قلبه.. أحست بتحركاته رأسا، يدأ، وقدما.. ليست الحياة امرأة ورجل فقط.. الحياة أصبحت بالنسبة لها مبدأ وهدفا.. قيمة ورحمة.. همة وكفاحا.. عملا وأملا.. حقائق وبدائلَ..

رزق ليس حشرة يدهس بحذاء.. رزق مخلوق من صنع الخالق على الجميع احترام إنسانيته.. لم يخلقه الله ليهان ولا ليبخس حقه في الحياة..

يتيم لطيم هو، هذا صحيح، ظلمته هي، هذا صحيح، سرقت ماله، سوَّدت حياته، هذه حقائق بدأت تراها مجسمة أمامها.. مخيفة بعد قشر الظلم عن نفسها، ومعرفة الحق، فقررت إعادته لأصحابه رغم قسوة سعفان الظالم عديم الرحمة والمروءة، ليته يفكر ولو لمرة إن كان يقبل أن يجري على أولاده ما يجريه على رزق من تعسف وعداء يغضب الله، وأهل المروءة والشهامة.

 في الصباح كان بعض الرجال  الذي أحضرهم كريم بن شيماء الرابح يبنون في بيت رضوى غرفة صغيرة لرزق، بينما ذهبت هي برفقته  للقاء أم عادل وإخبارها بما قررت القيام به بشأن سعفان وابن زوجها.

قالت لها أم عادل: سيعوضك الله خيرا من سعفان مادمت صادقة النية.

لأول مرة في حياتها تشعر رضوى بسعادة حقيقية تُلقى في صدرها.. تنبت بذرتها.. تكبر.. تعرِّش في كيانها.. تملأ روحها نورا..

 أقرت بأنها لم تكن تحس بإنسانيتها فيما مضى من عمرها.. ليس رزق هو السبب في ذلك.. بل إحساس خفي في صدرها جعلها تتغير لم تستطع تحديده بعدُ.. فرأت ما لم تكن تراه سابقا..

قالت لرزق: لا تنادني بخالتي، قل لي أمي.. سأجد فيك ابني، وستجد فيَّ أمك.

رزق مازال صغيرا على فهم ما يدور حوله، لكنه منذ أن أعادته أم عادل إلى بيت والده بدأ يحس بأن هناك شيئا ما قد تغير في حياته، وظل عاجزا عن إدراك فحواه إلى أن قالت له رضوى ” نادني بأمي” .

أحس الآن بأن يد أمه امتدت من قبرها دافئة، حانية بيد رضوى تنتشله من يتم ولطمٍ ما ماأنشب أنيابه بطفل إلا أشقاه وأضناه ما لم يجد القلب العطوف الذي يجمع شمله، ويجبر كسره، ويرحم طفولته بكلمة طيبة، ولقمة هنيئة مريئة، ببلسمِ جراحٍ، ومأوى يليق به إنسانا. 

بقلم

زاهية بنت البحر

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: