طُرِقَ الباب صباحاً وسراب لم تزل في سريرها إثر شعور بإرهاق ألمَّبها، أصغت قليلاً وانتظرت ريثما ينتهي هذا الصوت المزعج بفتح الباب، ولكن لم يحصلما تريد. نهضت من فراشها، وخرجت إلى فسحة الدار.. بحثت عن حماتها فلم تجدها فيالبيت، يزداد الطرق على الباب قوة وإصراراً، تأففت ضيقاً، وبلحظة طيش عصبي خانت عهداختفائها عن الناس بالرد على القادم الطارق.. اقتربت من الباب وسألت من؟ فسمعت صوت جارتها هناء تستعجلها في أمر هام. حوصرت سراب بالنداء، لن يفكحصارها أحد، فأدركت أنها في ورطة حقيقية وأنها لا محالة ستضحي بالبيت الجديد. قبلأذان الظهر كان خبر حمل سراب يملأ أسماع أهل الجزيرة، كثر العاتبون، وتكلَّمالحاسدون، وفاعل خير يحبُّ (عادل) بثَّ إليه عبر راديو السفينة خبر الحمل هذا ليفوز بهديةقيمة. وعندما عادت أم عادل إلى البيت قالت بخيبة: لن يشتري عادل البيت الجديدهذا العام. كما ودَّعته بالدموع استقبلته بها سخيَّة عند عودته عل متن طائرة ركابنقلته من ميناء مرسين إلى العاصمة، ومنها بالسيارة فالمركب إلى الجزيرة. روتله بتفوق ملحوظ حتَّى أدقَّ التفاصيل منذ بداية حملها إلى كشف سرِّه. لفَّهابالإمتنان وضمَّها بالشوق، ولكنَّه لم ينس أن يفخِّخ لهفته الحرَّى واشتياقهالمجنون إليها بشيء من اللوم وكثير من العتب، ولم تخفي عليه هي حسرتها المرة بخسارةالبيت الجديد. قال لها: أيسعدك أن أعمل صيَّاداً ريثما يأتي هاشم؟ أجابتبسرور: طبعاً، ولكن مايدريك بأنَّه( هاشم)؟ أجابها: هاشم، درة لا فرق، كلاهمانعمة من الله تستوجب الشكر. فُك حصار سراب برجوع زوجها، فعادت إلى الظهور فيالمجتمع ولكن بحذر بعد أن تعلمت من الأحداث التي مرَّت بها فلسفة جديدة. بهدوءجهَّزت ووالدتها ما يلزم للمولود عند قدومه، وأعدَّت البيت كما يليق بهذه المناسبةالرائعة، وبيَّضت الجدران. لم يكن عادل كريماً بإنفاق الوقت دون عمل، فسعى منذوصوله لإيجاد قارب صيد استأجره مع بعض رفاقه لتأمين قوت يومه بعد أن ترك العمل علىظهر السفينة وعاد بالقليل من المال. مهنة الصيد تحتاج لخبرة جيدة، والريس منصور معلم ٌبها، وقد سبقلعادل أن عمل معه أحياناً كثيرة فيما مضى فاستدعاه لرياسة المركب. هناك في البحروعلى بعد عدَّة أميال من الجزيرة غرباً كان قارب الصيد يحمل(عادل) ورفاقه كي يلقواشباكهم بعد عصر كلِّ يوم ويعودوا إلى الجزيرة قبل الغروب، وقبل الفجر يخرجالصَّيَّادون لجمع شباكهم بما علق فيها من اسماك، ثمّ َيعودون بها إلى المدينةالساحلية القريبة من الجزيرة لبيع صيد يومهم لمسمكاتها بالسعر الذي يستحقُّه كلُّنوع منها. قالت أم عادل له ذات يوم عندما عاد بثمن الصيد: سمعت والدك يتحدَّث عنالأسماك وعن علاقتها الحميمة بالصَّيادين. سألها باهتمام: وماذا قالعنها؟ أجابت: قال رحمه الله: إنَّ الأسماك تحس بتعاسة الصَّيَّادين، لذلك فهيتحبُّهم وتشفق عليهم وتدخل في شباكهم لتخفِّف عنهم شيئاً من المعاناة. فقال عادلباسماً: ولكنَّها تقع فريسة في الشباك لصغر عقلها، وضعفها فتهزم. فقالت: مايدريكفلربَّما كانت منتصرة بالهزيمة، قويَّة بالضعف. فسألها ساخراً: وهل هناك انتصاربالهزيمة وقوَّة بالضعف ياأمَّ عادل؟!! أجابته بثقة: عند المحبين فقط، بمعنى أنتقدم نفسك فداء لمن تحبُّ. فقال: أليس هذا غاية الجنون ياأمي؟ إنَّه انتحار ولو كانمن سمكة، منطق غير صحيح ولا أحبُّه ياسيِّدتي.
قدرتك على وصف دقة التفاصيل تجعل منك كاااااتبة مرمووقة خاصة ان السياق راق ِ جدا والانسجام والترابط واضح مما يعكس امرين :
الاول ذااااكرتك الخصبة
الثاني استمتاع الفارئ بالحدث الى ابعد الحدود
وفقك الله
وايدك بنصره ..
إعجابإعجاب