Mryam M.Y

Just another WordPress.com weblog

قلق

0

بعد يومين من إنجابها أربعة من الصغار خرجت ولم تعد.

احترت في أمري كيف لي أن أطعمهم وهم صغار جدا وعيونهم مازالت مغمضة. فكرت كثيرًا إلى أن هُديتُ إلى استعمال قطارة صغيرة، اشتريتها خصيصًا من الصيدلية المجاورة لبيتي لإرضاعهم، ورحت أضع فيها الحليب الدافئ، وأنقطه في أفواههم قطًا قطًّا..

ويومًا بعد يوم بدؤوا يلتقطون حلمة القنينة، ويرضعون كل ما فيها من الحليب. بدأت الحديقة تضج بالحياة وهم يلعبون فيها، ويتسابقون ويتقاتلون، وأنا أشاهدهم عن كثب.

كانوا يكبرون سريعًا ويزدادون جمالا، وكثيرًا ما كنت ألتقط لهم الصور التذكارية الجميلة التي أحبها أولادي حتى أن ابني الأصغر(صلاح) كبَّرَ صورة لأحلاهم وجهًا، وأكثرهم قوة وحيوية، ذاك القط الأسود المرقش بالأبيض الذي أسماه (عنترة) لشجاعته وإقدامه في طرد القطط عن أسوار الحديقة وعلَّقها في غرفته.

عالم القطط جميل جدا استهوتني مراقبته، والتعرف عليه من خلال مايقوم به الصغار غريزيًا، ودون تدريب مسبق، فلم يحدث أن اختلطوا بقطط الحارة، أو سمحوا لغريب بدخول حديقتنا، وفي المساء كانوا يأوون إلى بيتهم في الركن الشرقي من الحديقة، وكنت أقفل عليهم باب البيت خشية مجيء أبيهم ليأكلهم، كما فعل غيره أكثر من مرة.

في أحد الأيام وبعد صلاة الفجر، وقبل أن أحضر نفسي للذهاب إلى المدرسة التي أعمل فيها معلمة للعلوم الطبيعية، خرجت إلى الحديقة لتفقد القطط.. فتحت لهم باب بيتهم، ووضعت لهم بعض الطعام الخاص بهم في صحن خاص فوق تراب الحوض..

لم يخرج منهم سوى ثلاثة بينما بقي عنترة ممددا داخل البيت الصغير. وأنا أحمله أحسست بحرارة جسمه المرتفعة خاصة في باطن قدميه ويديه.. أخذته إلى داخل بيتي.. تفحصت جسده، فوجدت فوق سرته فتقًا بحجم جوزة.. ضغطت عليه بسبَّابتي فماء بألم.. أحضرت حبة مسكِّن.. ذوبتها في الماء ثم سقيتها له.. ظل هادئًا وحرارته تزداد ارتفاعًا..

اتصلت بالطبيب البيطري، فأيقظته من النوم لأستشيره بشأنه، طلب مني إرساله إليه لمعاينته.. كلفت ابني صلاح بإيصاله إلى عيادة الدكتور عادل في دوار البيطرة بعد أن وضعته في حقيبة، وغطيت جسده بقطعة كتان سميكة، فظلَّ رأسه مكشوفًا لايمنع عنه دخول الهواء..

ذهبت إلى المدرسة وبالي مشغول بعنترة.. مرت ساعة.. وأنا أشرح درس الوراثة للطالبات سمعت صوت محمولي.. أسرعت للرد على المتكلم باختصارٍ شديد، كان ابني صلاح على الطرف الآخر، طلبت منه إغلاق الخط لأن استعمال المحمول أثناء الحصة الدراسية ممنوع، فاستجاب لطلبي.

ازددت انشغال بالٍ بشأن عنترة، ولم أفلح بتخمين مايريد أن يخبرني به صلاح بشأنه.. في الفرصة اتصلت به أسأله عنه، فأخبرني بأن الدكتور قد أجرى له عملية جراحية، وأنقذه من الفتق المختنق الذي كاد يقضي عليه لولا أن أسرعنا بإسعافه. شعرت بالسرور لعودة عنترة إلى الحديقة سالمًا معافى، وبدأت أعطيه الدواء الذي وصفه له الدكتور في أوقاته المحددة، بينما راحت صحته تتحسن يومًا بعد يوم إلى أن أخذه صلاح مؤخرًا إلى عيادة الدكتور لفك القطب عن مكان الجرح، ولكنه تأخر بالعودة إلى المنزل، فعدت لقلقي من جديد، ولما سألته عن سبب التأخر أخبرني بأنه لم يستطع مقابلة الطبيب قبل ساعة من الانتظار في غرفة المراجعين، فقد كان مشغولا بعملية استئصال رحم لإحدى القطط..

بقلم

زاهية بنت البحر

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: